السبت، 12 يناير 2013

مقدمة:


بإسمك اللهم :

هناك رأيين شاذين عن علاقة السياسة والدين :
ــ فهناك من يدعي أن لاسياسة في الإسلام ، ويتهم كل الإسلاميين باستغلال الدين لأغراض دنيوية إن لم يقل شخصية ، وبهذا يكفر بكل الإسلام السياسي وهذا لجهله بالإسلام كله من القرآن حتى السيرة النبوية الشريفة حتى سيرة الخلفاء الراشدين بل والتاريخ الإسلامي كله، وأغلب هؤلاء متشبعون بالفكر العلماني الفاصل قطعا بين الدين والدولة ..أو ممن انعزلول للعبادة من بعض المتصوفة والذين يرون أن هذا الخوض إنما هو خوض في الدنيا وشهواتها من غرائز التسلط وحب التريس والسعي للجاه...لكن معظمهم لا يقول بالعلمانية بل عزلتهم تكون غالبا لأسباب تربوية محضة .

ــ وهناك من يغالي في الإصلاح السياسي حتى قوله : » الدين كله سياسة « « ومن لم يمارس السياسة فليس واع بدينه :في حين من الأصوب القول بأن السياسة منبر إصلاحي هام إذا خلصت النيات، لكنه ليس كل الإصلاح الذي أتى به الإسلام ، والإصلاح الإسلامي أكبر بكثير من الإصلاح السياسي ويحتويه جملة وتفصيلا.كما أن المسلمين ليسوا موهوبين جميعا لممارسة العمل السياسي فلكل حقل مواهبه.

ومن بين هذين التطرفين بزغ رأي ثالت يقول بكل الإصلاح الإسلامي الذي يجب أن يبدأ بالتخليق والتربية موازاة مع التنمية والتطور في كل المجالات بمرجعية دوما إسلامية وبدراسات علمية ،يبقى للسياسيين دور الجهاد على تفعيلها، ويبقى للمربين دورهم الأخلاقي كما يبقى لكل ذي مهمة منفعته الإجتماعية ..فمن غير الممكن أن يكون كل المسلمين سياسيون كما أنه من غير الممكن أن يكون كل الساسيون مربون..كما أن المحدث لا يكون فقيها إلا بشروط الإجتهاد ولا يكون مفكرا إلا بإلمامه بثقافات متنوعة ..

فالسياسة إذن جزء لايتجزأ من الإسلام لكنها ليست كل الإسلام
.

من ركائز العمل السياسي :


من ركائز العمل السياسي :

وإن الإسلام دين يشمل كل مناحي الحياة بل وينظم كل مجالاتها ، فهناك إذن ثلات شرائع كبرى في الدين لا بد للمسلم الوعي بها وهي :

ــ شرائع تنظم علاقة الإنسان بربه

ــ شرائع تتعلق بالنفس ونظرة المسلم الوجودية في كل الكون

ــ ثم شرائع لكل الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية ..وكل العلاقات المجتمعاتية .

وبهذا بات الإسلام أسلوب حياة شامل وكامل ويغشى كل العلاقات الإنسانية ..

ولهذا بزغت على الدوام تيارات إسلامية سياسية عديدة غالبا ما ترفع شعار الإصلاح والصلاح ، لترميم كل ماهشه الفساد داخل المجتمعات الإسلامية ، ولا بد لهذا العمل ليكون إسلاميا كاملا من ثلاث ركائز :

1ـــــ النهي عن المنكر : الركيزة التي جعلت معظم الحركات الإسلامية ذات نبرة نقدية وذات موقف معارض للأنظمة القائمة ، مما زج بالعديد من الشرفاء في غياهب المعتقلات لحد الإعدام ، وذلك لأسباب عديدة منها :

ـــ تبني بعضهم للثورةوالعنف

ــ تخوف العديد من العلمانيين من نجاح الإسلاميين ديمقراطيا

ــ الضغوط الإمبريالية المكرهة للعديد من الحكام على قمع الإسلاميين

ــ الإستلاب الثقافي لجل الحكام في العالم الإسلامي

لكن رغم ذلك فمن فروض الإسلام محاربة المسلمين فرادى وجماعات لكل أنواع الفساد، ونقدهم البناء لكل الإنحرافات لحد جهادهم ضد كل أنواع المنكرات ،لأن الدفاع عن الحق دفاع في حد ذاته على الإسلام ، وتمسك بكل معاني الحق الذي هو اسم وصفة من صفات الله تعالى الذي أمرنا بقوله سبحانه : » ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويومنون بالله »

2ــــ الأمر بالمعرف :وهو فرض لازم ايضا لإقامة الإسلام ، وهو السعي الحثيث لالتزام المجتمع بكل التعاليم الإسلامية ، فالمعروف يشمل كل أنواع البر الذي يدعو له الإسلام ..والحث على المعروف في جملة حث على قيام كل الدين من العدل في الحكم حتى الموعظة والجدل بالتي هي أحسن لإحقاق الحق وإبطال الباطل، والتواصي بالحق كما قال تعالى : »والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر » ولن يتم هذا إلا لمن صدق حقا له اليقين.

ــــ الدعوة للخير : وذلك بالعمل أولا على فعل الخير قبل نداء كل الناس به ولصالح كل الإنسانية بل والحيوانات وكل المخلوقات ، فالخير كلمة من أهم المصطلحات المعبرة على الإسلام .

ولهذا فإن كل حركة إسلامية لا تتبنى هاته الثلات ركائز تبقى قاصرة على الدعوة لكل تعاليم الإسلام السياسي .

لكن هناك من الجماعات الإسلامية من مالت لجانب دون الآخر خصوصا منها تلك التي تبنت الحقل الجمعوي مما جعل العديد منها تميل للإختصاص فهناك :

ــ جمعيات ثقافية محضة

ـ جمعيات خيرية محضة

ــ جمعيات للوعي الإسلامي

ــ جمعيات نسوية

ــ جمعيات تهتم أكثر بالشباب

ــ جمعيات طفولية

ــ جمعيات تربوية

ــ جمعيات نقابية

ــ جمعيات بيئية

ــ جمعيات مهنية

ـ ثم أحزاب سياسية..

وغيرها من الجمعيات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والثقافية.. »المدنية والسياسية عموما » التي يغلب عليها طابع دون آخر .وهذا الإختصاص محمود وله العديد من الإيجابيات لكن كل سلبياته تنحصر في ظن البعض أن عملهم هو الأشمل من الآخرين ، فنرى السياسي ينادي بأن السياسة هي الحل والمربي ينادي بأن التربية وحدها هي الحل وقس على ذلك ..لكن الحقيقة تكمن في تكامل كل هاته الجمعيات التي تعد جميعها أصابع ليد واحدة ، لابد لها من كف يفعلها..مما يلزم بخلق إطار واسع للربط بين كل الجماعات الإصلاحية ، وهذا لن يتأتى إلا بمشروع حضاري كامل يهتم بكل الجوانب دون أن تعميه هاته الشمولية عن الدقة في التخطيط والقوة في الربط والحكمة في الإصلاح..وبهذا يتضح أن السياسة جزء من الحل وليست هي كل الحل .لأن الحل هو الإسلام كله وهو القرآن كله وإلا فإننا سنزيد تعطيلا للعديد من آياته..

إشكالات سياسية



إشكالات سياسية :

وهناك العديد من الثغرات لحد الآن في العمل السياسي الإسلامي، وأبرز هاته العورات منادات كل برأيه ومحاولة فرضه سياسيا دون اهتمام بالآراء الأخرى مهما تقاربت مرجعيتهما..ولهذا ظهر في الحقل السياسي الإسلامي موقفين شاذين هما :

1ـــ التصلب للقاعدة : حيث يسعى بعض السياسيين لإنجاح برامجهم بتكثير سواد تابعيه وهكذا يخاطبون العامة بنبرة تحريضية تموقفية جملة وتفصيلا..مما جعل صدور العديد من الشباب الساخطين يرتاحون لهذا الموقف المتصلب وكل الذين يحسون بالحرمان ..ومما جعل مثل هاته النبرات تميل كثيرا نحو الإنقلاباب الشاملة ..لحد تكفير الحكام وكل من له صلة بهم ..وهكذا ضمت هاته الجماعات كل من صلحت نيته حقا وهدفه الأسمى هو الدفاع على الإسلام ..كما ضمت من نياتهم متأرجحة لحد النفاق باسم الدين واستغلال اللحي والألبسة الدينية أقنعة فقط.

2ــــ التسلق نحو القمة : حيث سعت بعض الحركات منذ جنينيتها للتسالم مع الحكام والوقوف عند أوامرهم في العمل السياسي..ففروا من كل ما يسطر عليه النظام بالأحمر داعين بما يسمح به فقط بنبرة تكاد تكون راضخة للسلطان لا للقرآن ..وهاته الخطوة تبدو راشدة واقعيا لأنها مكنت مثل هاته الأحزاب من الوصول في بضع سنين إلى المجالس التشريعية ..وأبرزت أن هناك حقا أحزابا عملية ذات مرجعية إسلامية ..إلا أن الذنب الأكبر لبعض هاته الجماعات والأحزاب أنها تخلت عن العديد من الشعارات الإسلامية المبدئية كالنداء بالحكم بما أنزل الله كغاية وتحكيم القرآن كنداء ووسيلة فصارت بدورها تحصر نضالها السياسي في حل الأزمة الإقتصادية والإجتماعية لا غير ..وهذا له أيضا حسناته لكن القرآن الكريم تضيق به مثل هاته الحركات لأن المنادي به يجب أن ينادي بفقه قلبه ، لا بتخطيطات فكره فقط حتى صارت هناك في القطر الواحد أحزاب عديدة ذات مرجعية إسلامية لا تتسالم أيديها فكيف بقلوبها..وهاته قنبلة ذرية كبيرة داخل الحقل الإسلامي ستودي بل وأدت حتما الى قوله تعالى : » كل حزب بما لديهم فرحون » .

ومن هذا الشتات وفيه وبينه فقد العديد من الراشدين الإسلاميين جهادهم لينزووا للعبادة بعيدا عن كل هاته التيارات بكل إيديولوجياتها..لتتحول الإشكالية الى العديد من التساؤلات من بينها :

ــ هل يجوز شرعا تكوين أحزاب متعددة باسم الإسلام؟

ــ ماذا عن طاعة الأمراء في الإسلام؟

ــ ما وظائف الأمير الشرعية ؟

ــ ما واجبات عصيان الأمراء؟

ــ هل تجوز الدعوة لاجتهاد مفكر واحد أو مجموعة مفكرين فقط أم أن العمل الإصلاحي في الإسلام أكبر من العلاج السياسي ؟

ــ ماذا عن فقهاء السلطان؟

ــ ماذا عن علماء الفتنة ؟

ــ ماذا عن النفاق الإسلاموي؟

ــ ماذا عن التدرج في عمل الأحزاب السياسية الإسلامية؟

ومن هاته التساؤلات وغيرها تبرز العديد من المزالق في العمل السياسي باسم الإسلام .

وتنهال التساؤلات وتزداد الإشكالية تعقيدا..والجواب هو الدعوة للقرآن كله لكن كيف..

فالقرآن روح الأمة فكيف ننفخه كله غير منقوص فيها؟

أولويات :


أولويات :

وإن لهاته الخاصية السياسية علاقة وطيدة بالنظام العام وذلك لأن العمل السياسي حركة للتأثير على الحكم أو الوصول إليه، مما يضفي عليها تعقيدا ليس من اليسير فكه بسهولة لما لها من سلبيات على وحدة المسلمين وتعايش المذاهب الفكرية والحزبية بل وحتى العلمانية في نظام واحد ..لهذا وجب قبل أي إقبال على العمل السياسي :

1 ـ مراعاة مدى تلاحم وانصهار المسلمين جميعا في هذا العمل أو الإسلاميين على الأقل لأن اقتحام السياسة باسم الإسلام يعني تمثيل المسلمين ..فالمصداقية في هاته الوظيفة إذن ضرورية .

2 ـ مراعاة وحدة العمل السياسي الإسلامي حتى لاتتضارب التيارات وتدخل في منافسات إسلاموية بعيدا عن النضج الذي يجب أن يتحلى به السياسي المسلم .

3 ـ التيقظ لكل ما يمكن أن يسجل ملاحظات سلبية على الإسلاميين في عملهم السياسي خصوصا أن مرحلة الإنتخاب تدعو للتعامل مع الصالح والطالح بل ومع من هب ودب .

4 ـ الحذر من السقوط في دوامة وطواحين السياسات الرسمية المناقضة للمبادئ الإسلامية ، والمبرمجة بكل علمية والتي نجحت ببراعة في اقتناص العديد من الحركات باسم الإعتدال والوسطية لحد العمالة والإنقسام الفظيع داخل الجسم الإسلامي : حيث هناك أحزاب تنفي بشدة العمل السياسي الإسلامي داخل التعددية الديمقراطية ومن هاته الأحزاب إسلامية وعلمانية على السواء ..في حين اقتنع إسلاميون آخرون بضرورة اختراق المؤسسات الدستورية ودخول اللعبة الديمقراطية بالعمل سياسيا لفرض الشريعة بتدرج وبكل دهاء سياسي..

وهذا سيبدو صحيا إذا ما اجتمع شمل الإسلاميين عليه ..أما بزوغ الحزبية بمعناها الضيق بيننا فذاك الداء العضال : فحزب الله واحد ودونه : »كل حزب بما لديهم فرحون »ما لم يراعي رأي أخيه في المذهبية الإسلاميةوحواره .قبل الحوار والتواصل مع التيارات العلمانية ..بل الأمثل هو الدخول في العمل السياسي ككثلة إسلامية على الأقل ما لم تتحقق الوحدة بين كل الفصائل .وكل خلاف هنا يؤدي إلى تمزيق لجسمنا كإسلاميين وستكون له آثار جسيمة على إيجاد الإطار او الميثاق الشامل لإنجاح المشروع الإسلامي على الأقل وطنيا..قبل إيجاد خطاب أكثر عالمية وشمولية .

والنجاح الحق في المذهبية الإسلامية يقتضي مخاطبة الآخرين بما في ذلك غلاة العلمانيين بمنطق عدم الإقصاء :أي أنا لاننفي إسلامهم وإن كنا لا نلمس إسلاميتهم :فالوصاية على الإسلام يتحملها كل أهل التوحيد والشهادة بمحمد عليه الصلاة والسلام ..والمشروع الإسلامي ليس مشروعا احتكاريا كما للأسف يظن بعضنا.. وليس مشروع نسف وهدم بل :هو مشروع أمة ومشروع خير وإصلاح بكل تجديد وبكل أصالة ومعاصرة ولصالح الإنسانية جمعاء إن كنا في مستوى رسالتنا ..وكلما كانت هناك حكمة ومرونة وتعايش باسم المبادئ العليا لديننا الحنيف كلما ذابت كل الخلافات وتوحدت الإختلافات في إطار واحد رغم عقد والتواءات الإيديولوجيات ..ولن يتيسر هذا إلا :

1 ـ بإقناعنا للخصوم العلمانيين بخطئهم الكبير وذنبهم العظيم في فصل الدين عن الدولة ، لأن الشهادة بألوهية الله تقتضي تحكيمه..وإلا فإنهم ينفون العديد من صفات ألوهيته سبحانه وتعالى « وهذا هدف دعوي من أولويات التحرك باسم الإسلام وهو الدعوة إلى العقيدة كاملة أولا وغير منقوصة ،لأن معظم علمانيينا يجهلون العديد من موجبات الإيمان وموجبات الكفر في الإسلام ولم يطلعوا على المبادئ الكبرى للحكم بما أنزل الله تعالى .

2 ـ بدراستنا العميقة لأسلوب تفكير العلمانيين ومخاطبتهم بلغاتهم وذلك لن يتأتى إلا بنقد علمي منصف يقف مع الحق مهما كان منبعه ويترصد الباطل مهما كانت شدته .

3 ـ باهتمامنا بالجانب الأخلاقي والإجتماعي والثقافي والفني في برامجنا السياسية فالأزمة الأخلاقية والفكرية أولى بالعلاج من الأزمة الإقتصادية ذاتها.

وهنا وجب مراعاة اجتهاد الشيخ الفاضل سعيد حوى في كتابه : »جند الله ثقافة وزحفا » إذ فرق بين العمل السياسي الإسلامي في دولة كافرة وفي أخرى إسلامية عادلة وأخرى مسلمة منحرفة ،فإذا كانت تكفي النصيحة وإغناء العمل السياسي في الدولة العادلة ففي الدولى المنحرفة يقول بتصرف :

« »مظاهر الإنحراف في الدولة الإسلامية كثيرة :

ـــ أن يكون أميرها ظالما أو فاسقا أو يستعمل غير الأكفاء في حكومته أو غير المسلمين في وظائف لايجوز توليهل لغير المسلمين.

ـــ أو أن لايكون هناك التزام كامل بالشريعة الإسلامية داخلا وخارجا

ففي هاته الحالة ننظر إن كان الأمير وحكومته لايزالون يعترفون لله بالحاكمية ،ولا يعترفون بشريعة أخرى دون شريعته فهؤلاء فساق الحد الذي بيننا وبينهم الصلاة فإن كانوا يلتزمون بها فلا نقاتلهم وإن استطعنا عزلهم بالوسائل السلمية عزلناهم » ».

وهذا يثبته أيضا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم : » خيار أئمكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم « قلنا يا رسول الله : » أفلا ننابذهم؟ » قال : » لا ما أقاموا فيكم الصلاة إلا من ولي عليه وال فرآه يات شيئا من معصية الله فليكره ما يات من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة » «

ومن مثل هاتاه الأحاديث صارت للجهاد السياسي في تغيير المنكر آداب عديدة منها :

1 ـ الموالاة بالنصيحة

2 ـ الوقوف دون اقتراف المناكر

3ـ تنظيم حركات إصلاحية لتطويق الفساد ومراقبة المسؤولين والسعي للوصول إلى مراكز رسمية حساسة

4 ـ تنشيط الجهاد الخطابي والتعليمي للضغط إعلاميا على المسؤولين

5 ـ تشكيل جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

6 ـ التدرج في الإصلاح .

أما في حالة استيلاء الكافر على السلطة فليس هناك أي مبرر لتطبيث الجهاد الحربي والثورة العارمة بالقتال لأن السكوت هنا انهزام أمام تكفير الشعوب دون نسيان الجهاد السياسي عالميا وهذا كله هو أول بذرات الجهاد الحضاري عالميا خصوصا أن السياسة العالمية في يد العداء ، ومحاولة اختراق المؤسسات العالمية سياسيا يوجب وحدة وتخطيطا وتنظيما محكما لتكون لأمة الإسلام مشروعية المساهمة في تسيير العالم عبر هاته المنظمات والهيئات والعجب أن شتاتن أصبح هو مفصل القوة لجمع كل شتات الملة الكافرة ضدنا ..هذا خارجيا..أما داخليا فالمهمة ليسن باليسيرة في الجهاد السياسي مع الحزاب العلمانية والإشتراكية منها خصوصا ..لأنه دون توفيق في الصلاح الداخلي لا إصلاح يرجى لنا خارجيا ..

نحو سياسة إسلامية شاملة :


حتى ننجح في سياساتنا كمسلمين ، أو كإسلاميين على الأقل لا بد وأن تكون سياساتنا كلها قرآنية ، أي منبثقة من القرآن الكريم ، ومتأهبة للدفاع عنه كله لا عن جزء من أجزائه فقط ، ولتكون كذلك لا بد من أن تشمل كل خصائص القرآن الكريم، والذي من صفاته الهيمنة على كل ماسواه حقا وخيرا..
ولهذا لابد من سياساتنا حتى تكون ناجعة وقرآنية سنية من أن تشمل على الأقل هاته الخاصيات :

1ـــ ربانية : أي مخلصة لوجه الله تعالى

2ـــ شاملة : بمعنى مهتمة بكل المجالات

3ـــ اقتصادية : تهتم بالجانب المادي للأمة

ـ4ــ منظمة : أي ذات منطق تنظيمي وتدرجي

5ـــ تنموية : أي تهتم بتنمية الموارد البشرية والمادية

6ـــ متطورة : مهتمة بالتطور والإزدهار

7ـــ نظامية : لا تسعى للفتنة أو الإرهاب بمعناه القدحي

8ـــ أكاديمية : باحثة بعلمية في كل مجالاتهاوغير أحادية

9ـــ علمية : مهتمة بالعلوم بكل أصنافها

10ـــ إنسانية : مدافعة عن خير وحقوق كل الإنسانية

11ـــ دعوية : داعية بالحكمة والموعظة الحسنة والجدل الحسن لله أولا وأخيرا

12ـــ تكوينية : مهتمة بالتكوين في كل مجالاته

13ـــ أصولية : لا تتناقض وأصول الشريعة الإسلامية

14ـــ معاصرة :لا تنبذ مظاهر الرقي الحضاري

15ـــ تقدمية : تسعى إلى تقدم الإنسانية في كل المجالات

16ـــ متفتحة : غير منغلقة على العلوم الدينية فحسب

17ـــ تربوية : تتبنى التربية الإسلامية بكل حضارة

18ـــ تثقيفية : تحاول أن تلقن المسلمين كل أبعادها

19ـــ نقدية للذات : أي مصححة لأخطائها بالمعارضة والمراقبة والمحاسبة والشورى والنصيحة والحوار

20ـــ استيعابية : أي تخلق إطارا يستوعب كل العاملين باسم الإسلام

21ـــ مؤسساتية : تهتم ببناء دول المؤسسات السياسية الإسلامية

22ـــ شريعية : تسعى إلى خلق ظروف تطبيق الشريعة للحكم بها

23ـــ حاكمية : تحكم بما أنزل الله .

24ـــ ملتزمة : بكل الآداب الظاهرة والباطنة للمسلمين

25ـــ كونية : ذات فلسفة وجودية كاملة منبثقة من القرآن الحكيم الذي يشمل كلامه كل الأكوان

26ـــ وحدوية : تحافظ على تماسك ووحدة الجسم الإسلامي كله

27ـــ شعبية : تهتم بالطبقات الشعبية كلها

28ـــ إصلاحية : لا تومن بالثورات داخل المجتمعات الإسلامية بل بالإصلاح السلمي لكن بكل تدافع .

29ـــ غير إقصائية : لا تومن ببرامجها فقط بل تسعى لاحتواء كل البرامج الإصلاحية

30ـــ تبليغية : تبلغ لكل الناس دين الله الحق

31ـــ بعيدة التخطيط : بحيث تكون لها أبعاد ونظرات بعيدة في كل برامجها

32ـــ قصيرة البرمجة : أي يكون إصلاحها منبنيا على الأولويات العاجلة

33ـــ وسطية : غير متطرفة ولا غالية في مواقفها ومعتدلة تسعى لسياسة اعتدالية

34ـــ حرة : مما سوى دستور القرآن الكريم وما لايناقضه

35ـــ تحررية : تسعى لتحرير نفسها والمسلمين

36ـــ تحريرية : تسعى لحرية كل الناس وفق المنهج القرآني

37ـــ قرآنية : تسعى للعمل بكل القرآن

38ـــ سنية : تدعوا للسنة الشريفة بكل لطف

39ـــ سننية : تومن بكل القوانين الكونية التي تثبتها كل العلوم الحقة

40ـــ تدريسية : تسعى إلى تدريس سياساتها كلها والتدافع بها علميا .

41ـــ تعريبية : تهتم بإتقان اللغة العربية من طرف كل المسلمين وتعليمها لغيرهم أيضا دون إهمال لكل اللغات

42ـــ غير عنصرية : لا تومن بالسمو العرقي بل : »كلكم من آدم وآدم من تراب »

43ـــ بيئية : تهتم بالبيئة الجغرافية كلها وللبشرية جمعاء

43ـــ خيرية : تهتم بالمجالات الخيرية وإعانة كل المحتاجين والمعطلين

45ـــ جمعوية : واعية بالعمل جمعويا في المجتمعات المدنية

46ـــ تجديدية : غير جامدة

47ـــ إعلامية : لها سياسة إعلامية تبليغية دعوية هادفة .

48ـــ فنية : تهتم بالفنون الهادفة كلها

49ـــ رياضية : لها تخطيط لتقوية أبدان المسلمين بكل أنواع الرياضات

50ـــ صامدة : تسعى إلى كل أنواع القوى للصمود ضد الأعداء

51ـــ عسكرية : تسعى إلى التفوق العسكري على اليهود خصوصا

52ـــ مكتفية بالدات : ليست عالة على الغير تسعى للتحرير الإقتصادي للأمة

53ـــ واقعية : في التخطيطات والدفاع عن المصالح

55ـــ مثالية : في الدفاع عن الأخلاق والمبادئ

57ـــ مسجدية : تسعى لإعادة المسجد للعب كل أدواره ومهامه كاملة .

وقد كان بودي أن أحلل كل هاته السياسات كخاصيات للحركية الإسلامية لكن التزامي بكتب أخرى وقصر العمر يحول دون ذلك . 

الحركة السياسية الإسلامية والديمقراطية :


الحركة السياسية الإسلامية والديمقراطية

لنا عودة إن شاء الله لموضوع « الإسلام والديمقراطية « في أحد أجزاء هاته الربانية في الجهاد الحضاري لكن ما يهم هاته الفقرة هو تلخيص ثلات نقط

أولها قصور القابلين بالديمقراطية جملة وتفصيلا من إخواننا

ثانيها قصور الرافضين لها جملة وتفصيلا منا

ثالتها وجوب التشبت بالشورى بمفهومها الإسلامي والحذر من الخلط بينها وبين الديمقراطية

و دقائق حجج هذا سندرجه في نصوص « الإسلام والديمقراطية « ومن بين هاته الحجج الواضحة :

ــــ الديمقراطية اصطلاحيا تعني حكم الشعب بالشعب وحده بكل نفي لحكم الله للشعب

ـــ تناقض فلسفة الديمقراطية مع العديد من المبادئ الإسلامية

ــ تميز جوهر الشورى عن مبادئ الديمقراطية .

وهذا لاينفي اتخاد الديمقراطية كتكتيك للوصول للسلطة في العديد من الدول الإسلامية كما هو موقف العدين من أحزابنا، التي تقدم مشروعا إسلاميا قابلا للتنفيد بدهاء سياسي بكل مكائد الديمقراطيين..كما لايلغي موقف الجماعات التي تتشبت بمبادئ الشورى كاملة قبل أية مجازفة سياسية . : فالشورى تحتوي الديمقراطية : وحسب اجتهادنا لا مناص لنا من القبول بالنظام الديمقراطي والدعوة له كمرحلة أولى نحو ديمقراطية أمثل : ليست سوى شورانا الغسلامية : والتي يوفر لحد الآن النظام الديمقراطي العديد من إيجابياتها رغم الكثير من سلبياته : فنحن ننحوا نحو الأمثل : بينما للديمقراطيين والله حسنات تضاهي حسنات الكثير من الإسلاميين : لحد انزلاق العديد من الغسلاميين انفسهم للنداء بالديمقراطية غرقا في بحورها دون الثباث على مبدأ أن « الشورى تحتوي الديمقراطية وليس العكس »

ولهذا فإن موقف الحركات الإسلامية من الديمقراطية تكيتكيا لا يجب أن نسعى إلى توحيده ..بل يجب توحيد الموقف المبدئي الذي يقر بكل ما لاينافي الشريعة في الفلسفة الديمقراطية ..ويرفض كل ما يناقضها ..بكل وعي بأن قبول مصطلح « الديمقراطية » كمفهوم إسلامي خطأ فادح فلسفيا ومبدئيا حتى لغويا .

وإن كان ولا بد فلنقل الديمقراطية بالمفهوم الإسلامي..

خاتمة: نحو سياسات إسلامية عالمية



نحو سياسات إسلامية عالمية :

إن هذا العنوان سيبدو طوباويا في زمان انهارت فيه كل مقومات الأمة الإسلامية، فكيف نتكلم على سياسة عالمية باسم الإسلام ونحن لم نفلح حتى في سياسة وطنية إسلامية موحدة في كل الأوطان العربية والإسلامية؟ لكن وإن كان الواقع اليوم ظلاميا فهذا لايلزمنا باليأس كما قال الله تعالى : » لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا »لهذا فمن واجبنا أن نفكر بل ونحلم في هذا التفكير :

فرغم وعينا بفشلنا الدريع حاليا على كل المستويات :

ــ على مستوى القمم العربية

ـ على مستوى المؤتمرات الإسلامية

ـ على مستوى الجامعة العربية

ـ على مستوى التكثلات الإقليمية العربية والإسلامية

ورغم وعينا بانقسام المسلمين اليوم بين :

ـ متمسلمين بالإسم لايؤدون حتى صلواتهم وجاهلين بكل الإسلام

ـ علمانيين لايرون في المشروع الإسلامي بديلهم

ـ إسلامويين وعلمانويين وتسلفيين إما رجعيين أو مصلحيين

ـ منافقين يكيدون للإسلام وأهله

و..........

فإن أملنا يبقى كبيرا في أن تستطيع الوجوه المتوضئة الباقية لم شتاتها باسم تطبيب الجمع كله،ولن يتأتى ذلك إلا بحرصنا الشديد أن نكون حقا في مستوى التعامل الإسلامي في كل المجالات وعلى كل الواجهات فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : » إنما الدين المعاملة »..

فنحن نفكر في سياسة إسلامية عالمية ولهذا أسسنا مدرستنا هاته : لإيقاظ صوت الأمة الخافت ولو في القاعدة من وطن إلى وطن وذلك لوعينا بتلاشي الحركات الإسلامية العالمية خصوصا بعد مصيبتنا في أفغانستان فقد استطاع الغرب على مدى سنين عديدة في :كل حركاتنا العالمية.

واليوم لم تعد لنا تقريبا أية حركة عالمية باسم الأمة كلها ..بل وتلاشى الحلم بالأمة حتى في مقرراتنا التدريسية ..فكيف نرقى إذن بحركاتنا إلى العالمية حقا ؟

ذاك لن يتأتى لنا حسب اجتهادنا سوى بحركية علمية مبدئية إنسانية إسلامية تمد يدها لكل المبدئيين والعلميين في كل العالم : ولهذا ننادي عبر مدرستنا بالجهاد الحضاري الذي من مبادئه الأساسية :