السبت، 12 يناير 2013

أولويات :


أولويات :

وإن لهاته الخاصية السياسية علاقة وطيدة بالنظام العام وذلك لأن العمل السياسي حركة للتأثير على الحكم أو الوصول إليه، مما يضفي عليها تعقيدا ليس من اليسير فكه بسهولة لما لها من سلبيات على وحدة المسلمين وتعايش المذاهب الفكرية والحزبية بل وحتى العلمانية في نظام واحد ..لهذا وجب قبل أي إقبال على العمل السياسي :

1 ـ مراعاة مدى تلاحم وانصهار المسلمين جميعا في هذا العمل أو الإسلاميين على الأقل لأن اقتحام السياسة باسم الإسلام يعني تمثيل المسلمين ..فالمصداقية في هاته الوظيفة إذن ضرورية .

2 ـ مراعاة وحدة العمل السياسي الإسلامي حتى لاتتضارب التيارات وتدخل في منافسات إسلاموية بعيدا عن النضج الذي يجب أن يتحلى به السياسي المسلم .

3 ـ التيقظ لكل ما يمكن أن يسجل ملاحظات سلبية على الإسلاميين في عملهم السياسي خصوصا أن مرحلة الإنتخاب تدعو للتعامل مع الصالح والطالح بل ومع من هب ودب .

4 ـ الحذر من السقوط في دوامة وطواحين السياسات الرسمية المناقضة للمبادئ الإسلامية ، والمبرمجة بكل علمية والتي نجحت ببراعة في اقتناص العديد من الحركات باسم الإعتدال والوسطية لحد العمالة والإنقسام الفظيع داخل الجسم الإسلامي : حيث هناك أحزاب تنفي بشدة العمل السياسي الإسلامي داخل التعددية الديمقراطية ومن هاته الأحزاب إسلامية وعلمانية على السواء ..في حين اقتنع إسلاميون آخرون بضرورة اختراق المؤسسات الدستورية ودخول اللعبة الديمقراطية بالعمل سياسيا لفرض الشريعة بتدرج وبكل دهاء سياسي..

وهذا سيبدو صحيا إذا ما اجتمع شمل الإسلاميين عليه ..أما بزوغ الحزبية بمعناها الضيق بيننا فذاك الداء العضال : فحزب الله واحد ودونه : »كل حزب بما لديهم فرحون »ما لم يراعي رأي أخيه في المذهبية الإسلاميةوحواره .قبل الحوار والتواصل مع التيارات العلمانية ..بل الأمثل هو الدخول في العمل السياسي ككثلة إسلامية على الأقل ما لم تتحقق الوحدة بين كل الفصائل .وكل خلاف هنا يؤدي إلى تمزيق لجسمنا كإسلاميين وستكون له آثار جسيمة على إيجاد الإطار او الميثاق الشامل لإنجاح المشروع الإسلامي على الأقل وطنيا..قبل إيجاد خطاب أكثر عالمية وشمولية .

والنجاح الحق في المذهبية الإسلامية يقتضي مخاطبة الآخرين بما في ذلك غلاة العلمانيين بمنطق عدم الإقصاء :أي أنا لاننفي إسلامهم وإن كنا لا نلمس إسلاميتهم :فالوصاية على الإسلام يتحملها كل أهل التوحيد والشهادة بمحمد عليه الصلاة والسلام ..والمشروع الإسلامي ليس مشروعا احتكاريا كما للأسف يظن بعضنا.. وليس مشروع نسف وهدم بل :هو مشروع أمة ومشروع خير وإصلاح بكل تجديد وبكل أصالة ومعاصرة ولصالح الإنسانية جمعاء إن كنا في مستوى رسالتنا ..وكلما كانت هناك حكمة ومرونة وتعايش باسم المبادئ العليا لديننا الحنيف كلما ذابت كل الخلافات وتوحدت الإختلافات في إطار واحد رغم عقد والتواءات الإيديولوجيات ..ولن يتيسر هذا إلا :

1 ـ بإقناعنا للخصوم العلمانيين بخطئهم الكبير وذنبهم العظيم في فصل الدين عن الدولة ، لأن الشهادة بألوهية الله تقتضي تحكيمه..وإلا فإنهم ينفون العديد من صفات ألوهيته سبحانه وتعالى « وهذا هدف دعوي من أولويات التحرك باسم الإسلام وهو الدعوة إلى العقيدة كاملة أولا وغير منقوصة ،لأن معظم علمانيينا يجهلون العديد من موجبات الإيمان وموجبات الكفر في الإسلام ولم يطلعوا على المبادئ الكبرى للحكم بما أنزل الله تعالى .

2 ـ بدراستنا العميقة لأسلوب تفكير العلمانيين ومخاطبتهم بلغاتهم وذلك لن يتأتى إلا بنقد علمي منصف يقف مع الحق مهما كان منبعه ويترصد الباطل مهما كانت شدته .

3 ـ باهتمامنا بالجانب الأخلاقي والإجتماعي والثقافي والفني في برامجنا السياسية فالأزمة الأخلاقية والفكرية أولى بالعلاج من الأزمة الإقتصادية ذاتها.

وهنا وجب مراعاة اجتهاد الشيخ الفاضل سعيد حوى في كتابه : »جند الله ثقافة وزحفا » إذ فرق بين العمل السياسي الإسلامي في دولة كافرة وفي أخرى إسلامية عادلة وأخرى مسلمة منحرفة ،فإذا كانت تكفي النصيحة وإغناء العمل السياسي في الدولة العادلة ففي الدولى المنحرفة يقول بتصرف :

« »مظاهر الإنحراف في الدولة الإسلامية كثيرة :

ـــ أن يكون أميرها ظالما أو فاسقا أو يستعمل غير الأكفاء في حكومته أو غير المسلمين في وظائف لايجوز توليهل لغير المسلمين.

ـــ أو أن لايكون هناك التزام كامل بالشريعة الإسلامية داخلا وخارجا

ففي هاته الحالة ننظر إن كان الأمير وحكومته لايزالون يعترفون لله بالحاكمية ،ولا يعترفون بشريعة أخرى دون شريعته فهؤلاء فساق الحد الذي بيننا وبينهم الصلاة فإن كانوا يلتزمون بها فلا نقاتلهم وإن استطعنا عزلهم بالوسائل السلمية عزلناهم » ».

وهذا يثبته أيضا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم : » خيار أئمكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم « قلنا يا رسول الله : » أفلا ننابذهم؟ » قال : » لا ما أقاموا فيكم الصلاة إلا من ولي عليه وال فرآه يات شيئا من معصية الله فليكره ما يات من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة » «

ومن مثل هاتاه الأحاديث صارت للجهاد السياسي في تغيير المنكر آداب عديدة منها :

1 ـ الموالاة بالنصيحة

2 ـ الوقوف دون اقتراف المناكر

3ـ تنظيم حركات إصلاحية لتطويق الفساد ومراقبة المسؤولين والسعي للوصول إلى مراكز رسمية حساسة

4 ـ تنشيط الجهاد الخطابي والتعليمي للضغط إعلاميا على المسؤولين

5 ـ تشكيل جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

6 ـ التدرج في الإصلاح .

أما في حالة استيلاء الكافر على السلطة فليس هناك أي مبرر لتطبيث الجهاد الحربي والثورة العارمة بالقتال لأن السكوت هنا انهزام أمام تكفير الشعوب دون نسيان الجهاد السياسي عالميا وهذا كله هو أول بذرات الجهاد الحضاري عالميا خصوصا أن السياسة العالمية في يد العداء ، ومحاولة اختراق المؤسسات العالمية سياسيا يوجب وحدة وتخطيطا وتنظيما محكما لتكون لأمة الإسلام مشروعية المساهمة في تسيير العالم عبر هاته المنظمات والهيئات والعجب أن شتاتن أصبح هو مفصل القوة لجمع كل شتات الملة الكافرة ضدنا ..هذا خارجيا..أما داخليا فالمهمة ليسن باليسيرة في الجهاد السياسي مع الحزاب العلمانية والإشتراكية منها خصوصا ..لأنه دون توفيق في الصلاح الداخلي لا إصلاح يرجى لنا خارجيا ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق